الدولة الغزنوية هي دولة تركية إسلامية سيطرت على خراسان وبلاد ما وراء النهر وشمال الهند، وكانت عاصمتها مدينة غزنة التي تقع الآن في أفغانستان، ولأن الدولة الغزنوية كانت خاضعة فيما مضى لحكم السامانيين الإيرانيين، تأثرت بثقافتهم وسياستهم فانصهر الأتراك الغزنويون مع الفارسيين وكانت لغتهم الفارسية مثلهم.

وأسس ألب تكين الدولة الغزنوية عام 961م، إلا أن الدولة لم تصل لقمة ازدهارها والاعتراف الرسمي بها إلا في عهد محمود بن سبكتكين الغزنوي، حيث أصبحت تمتد من نهر جيجون حتى نهر السند فالمحيط الهندي، فيما يشمل منطقتي الري وهمدان، واستمر حكمها الفعلي حتى عام 1160م، حيث بدأت قوة الغوريين في التصاعد وهزموا هرام شاه عام 1151م، ثم سيطروا على مدينة غزنة، وبدأت الدولة الغزنوية في الانهيار منذ هذا الوقت، حتى وقع أخر حكام الدولة الغزنوية "خسرو مالك" أسيرًا في يد الغوريين عام 1186م، وبهذا سقطت الدولة الغزنوية وانتهت فعليًا.

تأسيس الدولة الغرنوية ونشأتها

أسس ألب تكين الدولة الغزنوية بين عامي 961م – 963م، حيث أنه خلال العصور السامانية انتقلت جماعات كبيرة من الأتراك إلى بلاد ما وراء النهر بهدف نشر الدين الإسلامي، وحين بدأ الضعف يصيب الدولة السامانية قامت العديد من العائلات التركية وقاداتها بإنشاء مناطق حكم خاصة بها في أفغانستان، ومن أشهر تلك العائلات السمجوريين وكرا تكين إسجابي وبيطوز، وكان ألب تيكين من بين هؤلاء القادة، حيث أنه بيع في أثناء طفولته عبدًا إلى الأمير الساماني، ودخل فيما بعد للحرس الخاص، وأعتقه السامانيون بسبب صفاته المميزة التي يمتلكها وعينوه قائدًا للوحدات العسكرية، ثم ترقى ليصبح المسؤول عن كل أعمال القصر، وهو منصب كان يطلق عليه اسم حاجب الحجباء.

وظلت قوة تيكين ونفوذه يتصاعدان حتى وصل لأعلى مرتبة عسكرية في الدولة السامانية عام 961م وقاد الجيش في خراسان، ثم قرر هو ومساعدوه في القصر أن يتركوه ويذهبوا إلى بلخ، ونجحوا في السيطرة عليها، وعلى الرغم من أن الدولة حاولت محاربته، انتصر عليها في مايو 962م، وتوجه إلى مدينة غزنة وبعد أربعة أشهر من حصارها استطاع السيطرة عليها في يناير 963م وكان هذا أساس الدولة الغزنوية وبدايتها.

الدولة الغزنوية والفتح الإسلامي

في وقت حكم الدولة الأموية نجح المسلمون في فتح العديد من بلاد الهند، لا سيما في فترة حكم عبد الملك بن مروان، واستمر التوسع الإسلامي حتى قيام الدولة الغزنوية بعد أن نجح القائد التركي ألب تكين في السيطرة على مدينة غزنة وإقامة دولته المستقلة بها، والتي كانت تتبع الدولة السامانية في هذا الوقت، ووصلت الدولة الغزنوية لقمة ازدهارها في فترة حكم محمود بن سبكتكين الغزنوي، الذي استطاع فتح العديد من المناطق لنشر الإسلام فيها ونجح في السيطرة على إقليم البنجا وأقاليم الدولة البويهية وصولًا لوسط الهند، وهذا ما جعل الخلافة العباسية تعترف به سلطانًا مستقلًا، ولقب بالخليفة العباسي يمين الدولة، وأسس على إثر ذلك دولته السنية القوية، حيث أخضع لحكمه بلاد الغور وما وراء النهر والدولة البويهية في أصبهان والبنجاب وعدد من الولايات الهندية في وادي نهر الغانج وعدة أماكن في السند وأفغانستان على رأسهم غزنة وسجستان وخراسان وفارس وصخارستان وغيرهم.

فترة حكم محمود بن سبكتكين الغزنوي

بعد أن توفي ألب تكين عام 963م خلفه ابنه أبو إسحاق إبراهيم، إلا أنه سرعان ما توفي دون أن يكون له وريث، فحكم الدولة واحد من مماليكه يدعى بلكاتكين عام 969م، إلا أن أهل المدينة خلعوه وعينوا بدلًا منه بن سبكتكين عام 976م لشهرته بالعقل والدين والقوة، وبفضل إمكاناته كسب حب الشعب وأمراء البلاد المجاورة واعترفت به الدولة العباسية، لهذا يطلق عليه المؤسس الحقيقي للدولة الغزنوية، واستمر في الحكم لمدة 20 عام تقريبًا حتى وفاته عام 997م، وترك الحكم من بعده لابنه الصغير إسماعيل لأن الأخ الأكبر محمود كان خارج العاصمة، لكنه عاد ما إن سمع بالخبر ودارت بينه وبين أخيه عدة مناوشات انتهت بفوز محمود وتوليه الحكم.

فترة حكم السلطان محمود الغزنوي

قضى السلطان محمود فترة حكمه الأولى في تثبيت أركان الدولة الغزنوية وتوسيع رقعتها، فتمكن من القضاء على الدولة السامانية عام 999م، ومن ثم حارب الدولة البويهية وأخذ منها بعض البلاد التي كانت تسيطر عليها، وبعد أن استقرت الدولة بسط سيطرته على بلاد الهند لينشر الإسلام فيها، حتى أنه قام بسبع عشرة غزوة فيها، وظل يحارب دون كلل أو ملل ما يقارب من سبع وعشرين عامًا، منذ عام 1000م حتى عام 1026م، وأخضع بهذه الغزوات منطقة شمال شبه القارة الهندية بالكامل.

وعلى الرغم من اهتمامه بالجهاد، لم يهمل العلوم والآداب والثقافة، حيث قدر العلماء والفقهاء والأدباء وشجعهم وقدم لهم الهدايا، وظل على هذا الحال حتى توفاه الله عام 1030م تقريبًا الموافق 421 هجرية، وعهد بالولاية قبل وفاته لابنه الصغير محمد ولم يعهد بها لابنه الأكبر مسعود، وهذا ما تسبب في حدوث نزاع بين الأخين، فبعد تولي محمد قام أخيه مسعود بإزاحته من الحكم بعد عدة أشهر وتولى مكانه عام 1031م/422هـ.

فترة حكم السلطان مسعود وابنه مودود

استقرت أمور الدولة الغزنوية في عهد السلطان مسعود وأرسل إليه الخليفة العباسي تقليدًا واعترافًا بالحكم، وواصل مسعود ما كان يفعله والده وحافظ على أملاك الدولة الغزنوية وأراضيها ووسعها، حيث ضم لها المزيد من المناطق الهندية، واستمر في الحكم حتى قتل عام 1041م الموافق 433هـ، وخلفه ابنه مودود الذي اتبع نهج أبيه في التوسع بالدولة الغزنوية وضم المزيد من الأراضي الهندية لها.

نهاية الدولة الغزنوية

على الرغم من مجيئ العديد من السلاطين ليحكموا الدولة الغزنوية من بعد السلطان مودود، كانت هذه الفترة فترة ضعف بسبب تناحرهم فيما بينهم، مما جعل البلاد التي فتحوها تنجح في حركات التمرد التي قامت بها عليهم، وهذا ما أنهك الدولة وأضعفها حتى لم يعد باستطاعتها الصمود، فسقطت عام 1160م الموافق 555هـ، حين استولى السلاجقة على أراضيها في خراسان، واستولى الغوريون على أراضيها في الهند وأقاموا بعدها الدولة الغورية، وأعدم أخر سلاطين الدولة الغزنوية على يد الغوريين عام 1186م، وبهذا انتهت الدولة والسلالة تمامًا.