سليمان الحلبي هو طالب علم شرعي اشتهر باغتياله الجنرال الفرنسي جان بابتيست كليبر، قائد قوات الاحتلال الفرنسي في مصر، وتعرّض على إثر ذلك لأشد أنواع التعذيب قبل أن يُعدم بطريقة بشعة.

السيرة الشخصية

ولد سليمان الحلبي في عام 1777م في قرية كوكان في عفرين لعائلة سورية، وقد أرسله والده المتدين الذي يعمل في مهنة بيع السمن وزيت الزيتون برًا إلى القاهرة لدراسة العلوم الإسلامية في الأزهر وذلك في عام 1797م، وعاد سليمان إلى قريته بعد 3 سنوات بعد أن أكمل تعليمه.

المهمة العثمانية

في أثناء عودة سليمان الحلبي إلى سوريا، صادف في طريقه ضابطين من المخابرات العثمانية، عرضا عليه مهمة اغتيال الجنرال جان بابتيست كليبر قائد قوات الاستعمار الفرنسي في مصر، ووافق سليمان الذي كان يبلغ من العمر 23 عام على تنفيذ المهمة، وعاد إلى القاهرة بعد 20 يوم مع إحدى القوافل التجارية، وبدء بالتخطيط لعملية الاغتيال، التي أطلع عليها أربعة من العلماء السوريين الذين كانوا في باحة المسجد الذي يقيم فيه، ولكنهم حاولوا ثنيه عن ذلك ولم يفلحوا، ومضى سليمان الحلبي في سبيل تحقيق مراده، وبقي يراقب منزل الجنرال لمدة شهر، وفي 14 يونيو 1800م دخل سليمان إلى حديقة منزل الضابط الفرنسي في القاهرة متنكرًا في زي متسول، وتوارى خلف أحد الجدران إلى أن دخل الجنرال إلى الحديقة، عندها اقترب الحلبي منه وطعنه أربع مرات متتالية، وطعن أيضًا كبير المهندسين الذي حاول حماية كليبر ست طعنات، وتوفي القائد الاستعماري على الفور، بينما توفي المهندس بعد عدة أيام من عملية الاغتيال، ولكن استطاع الجنود الفرنسيين لاحقًا العثور على سليمان الحلبي وبحوزته الخنجر الذي نفذ فيه عمليه الاغتيال.

الحكم والإعدام

تمّ اعتقال سليمان الحلبي، وعُرض على المهندس الذي تعرّف عليه قبل وفاته، وسجن مع الأشخاص الأربعة الذين كانوا على علم مسبق بعملية الاغتيال، واعترف سليمان بما قام به بعد تعرضه للتعذيب، وقال إنّ ذلك جاء بتكليف من مسؤولين في الجيش العثماني، حيث أنّ الجنرال الفرنسي ألحق خسائر كبيرة بالقوات العثمانية، وقضت المحكمة الاستعمارية بقطع رأس الحلبي ورؤوس العلماء الأربعة الآخرين، وتوفي سليمان الحلبي بعد تخزيقه حيًا وحرق يده بعد أربع ساعات من العذاب والمعاناة، وبعد أقل من عام على اغتيال كليبر انسحب الجيش الاستعماري الفرنسي من مصر.

تبعات عملية الإعدام

بعد انسحاب القوات الفرنسية جلبوا معهم جثة سليمان الحلبي، وما تزال جمجمته معروضة في متحف الإنسان بباريس إلى اليوم تحت عنوان "جمجمة مجرم"، ولا يزال الخنجر الذي نفّذ به الحلبي عملية الاغتيال معروض في متحف كاركاسون ليبقى شاهد على شجاعته ووحشية الاحتلال، أما الضابط الفرنسي فقد بُني له نصب تذكاري في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، وُضع أسفله بقية رفاته، ويضم متحف الآثار في المدينة لوحة فنية تجسّد عملية الاغتيال.

مقدمات اغتيال الجنرال الفرنسي

زعم المؤرخون الفرنسيون أنّ سليمان الحلبي قتل الجنرال كليبر طمعًا برفع الحكومة العثمانية الضرائب عن والده، وهو أمر عارٍ عن الصحة، فقد قُتل الضابط الفرنسي بدافع الجهاد ومقاومة الفرنسيين، وليس بدافع أي مصالح شخصية، وأنّ المقصود بعملية الاغتيال هو الثأر للشعب المصري الذي ألحقت به القوات الفرنسية الكثير من الظلم والعذاب، وكان كليبر هو الهدف الأنسب لضرب القوات الفرنسية، وقد واجه سليمان الحلبي الموت بكل شجاعة مرددًا الشهادتين وبعض آيات من القرآن الكريم بالرغم من تعذيبه الوحشي وقتله بطريقة فظيعة لم تشهدها مصر من قبل (الخازوق).

حملة شعبية لاستعادة رفات سليمان الحلبي

جمع كل من الشعبين المصري والسوري توقيعات شعبية واسعة وأرسلوها للحكومة الفرنسية مطالبين باستعادة رفات سليمان الحلبي التي نقلتها القوات الفرنسية معها إلى باريس، ولكن لم تستجب الحكومة الفرنسية لهذه المطالب.

قصة سليمان الحلبي في مسلسل تلفزيوني

أنتج تلفزيون دبي عام 1976م مسلسل تلفزيوني 15 حلقة يتناول قصة سليمان الحلبي، وهو مسلسل تاريخي واقعي كتبه محفوظ عبد الرحمن وأخرجه عباس أرناؤوط، ولكن لم يجد الكاتب الكثير من الحقائق والمراجع حول سليمان الحلبي، لذلك دوّن الأحداث الرئيسية وكتب باقي القصة من نسج خياله، وتدور أحداث المسلسل بين القاهرة وحلب، حيث انتقل سليمان لنجدة بلده الثاني مصر الذي عاش فيه في خلال دراسته في الأزهر، وتخليصه من قائد القوات الفرنسية الذي بطش بسكان مصر، وهناك بدأ التخطيط لعملية الاغتيال بعد أن انسحب نابليون من مصر وأبقى على الجنرال كليبر، وكان لسليمان الحلبي ما أراد، وعُرض مسلسل سليمان الحلبي على تلفزيون دبي وعلى معظم القنوات الرسمية العربية آنذاك.